السوريون في قطر بعد سقوط نظام الأسد

السوريون في قطر بعد سقوط نظام الأسد: لماذا يفضلون البقاء بدلًا من العودة؟

مع سقوط نظام بشار الأسد وعودة الاستقرار تدريجيًا إلى بعض المناطق في سوريا، يواجه السوريون في الخارج خيارًا صعبًا: العودة إلى وطنهم أو البقاء في بلاد المهجر. بالنسبة لـ السوريون في قطر بعد سقوط نظام الأسد، تبدو هذه المعادلة أكثر تعقيدًا، حيث يفضل الكثيرون الاستمرار في العيش في الدوحة بدلًا من العودة إلى سوريا. فما هي الأسباب التي تدفعهم إلى اتخاذ هذا القرار؟ وما هي العوامل التي تجعل قطر بيئة جذابة لهم حتى بعد استقرار الأوضاع في بلادهم؟

السوريون في قطر بعد سقوط نظام الأسد

تعتبر قطر واحدة من أكثر الدول استقرارًا وأمانًا في المنطقة، وهو ما جعلها وجهة مفضلة للسوريين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم خلال الحرب. وبالرغم من تحسن الأوضاع الأمنية في سوريا بعد سقوط النظام، فإن قطر لا تزال توفر مستوى عالٍ من الأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي، مما يجعلها بيئة مناسبة للعيش والعمل.

السوريون بعد سقوط نظام الأسد
السوريون بعد سقوط نظام الأسد

النمو السكاني للجالية السورية في قطر

قبل عام 2011، كان عدد السوريين في قطر يترواح بين 35,000 و39,000 شخص، يعمل معظمهم في مجالات التعليم، والإنشاءات، والضيافة، والمطاعم. ومع اندلاع الأزمة السورية، زاد العدد ليصل إلى أكثر من 64,000 شخص وفقًا لبيانات السفارة السورية في الدوحة. ويرجع هذا الارتفاع إلى سياسة الحكومة القطرية التي منعت ترحيل السوريين بسبب الأوضاع غير المستقرة في بلادهم، بالإضافة إلى توفير تجديد مجاني لتأشيرات الزيارة للسوريين المقيمين في قطر.

الفرص الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة

رغم ارتفاع تكاليف المعيشة في قطر، إلا أن السوريين يرون فيها بيئة اقتصادية مستقرة توفر فرص عمل برواتب تنافسية مقارنة بدول أخرى. ويُعتبر الدخل في قطر من بين الأعلى عالميًا، ما يجعلها بيئة مناسبة للعمل والاستثمار، خصوصًا لمن تمكنوا من تأسيس مشاريعهم الخاصة أو حصلوا على وظائف في قطاعات حيوية مثل الهندسة، الطب، التعليم، والتكنولوجيا.

مجلس الجالية السورية ودوره في تمكين السوريين

أنشأت الجالية السورية في قطر مجلسًا مدنيًا منتخبًا يُجدد كل عامين، يهدف إلى تنظيم أوضاع السوريين المقيمين وتعزيز التعاون بينهم وبين المؤسسات القطرية. يعمل المجلس على دعم السوريين في مجالات التعليم والتوظيف، كما أسس روابط مهنية متخصصة مثل رابطة المهندسين السوريين، والرابطة الطبية، ورابطة المعلمين. هذه الروابط تساعد السوريين على بناء شبكة علاقات قوية تدعمهم في سوق العمل وتوفر لهم فرصًا جديدة.

التحديات التي تواجه السوريين في قطر

بالرغم من مزايا العيش في قطر، يواجه السوريون بعض التحديات، أبرزها ارتفاع تكاليف السكن والتعليم. فعلى سبيل المثال، تتراوح إيجارات الشقق المكونة من غرفتين وصالة بين 3,000 و7,000 ريال قطري (ما يعادل 1,000 إلى 2,000 دولار أمريكي). كما أن تكاليف المدارس الخاصة مرتفعة، حيث تتراوح الرسوم السنوية بين 9,000 و12,000 دولار. ورغم ذلك، توفر الحكومة القطرية فرصًا تعليمية مجانية في المدارس الحكومية للأطفال الذين يعمل أحد والديهم في جهات حكومية أو شبه حكومية.

التحديات المرتبطة بالعودة إلى سوريا

بالرغم من استقرار بعض المناطق السورية بعد سقوط النظام، إلا أن العديد من السوريين يرون أن العودة إلى وطنهم ما زالت محفوفة بالتحديات. فالبنية التحتية في سوريا لا تزال بحاجة إلى إعادة إعمار، كما أن سوق العمل هناك لا يوفر نفس الفرص المتاحة في قطر. بالإضافة إلى ذلك، فإن المخاوف من الوضع السياسي والاجتماعي تجعل العودة خيارًا غير مضمون بالنسبة للكثيرين.

لماذا يفضل السوريون البقاء في قطر؟

هناك عدة عوامل تجعل السوريين يفضلون البقاء في قطر بدلًا من العودة إلى سوريا، ومنها:

  • الاستقرار والأمان: توفر قطر بيئة آمنة بعيدًا عن النزاعات والتقلبات السياسية.
  • فرص العمل: توفر سوق العمل القطري فرصًا أفضل برواتب أعلى مقارنة بسوريا.
  • جودة الحياة: تتمتع قطر ببنية تحتية متطورة وخدمات طبية وتعليمية متقدمة.
  • الدعم المجتمعي: الجالية السورية في قطر منظمة بشكل جيد وتوفر بيئة داعمة للسوريين.
  • التعاطف القطري مع السوريين: هناك دعم واضح من الشعب والحكومة القطرية للسوريين، سواء على المستوى الإنساني أو المهني.

بعد سقوط نظام الأسد وعودة الاستقرار إلى بعض المناطق في سوريا، يبقى قرار العودة مسألة معقدة بالنسبة للسوريين في قطر. ورغم تحسن الأوضاع في وطنهم، إلا أن مزايا العيش في قطر تجعل الكثيرين يفضلون الاستمرار فيها. فمع الأمان، والاستقرار، وفرص العمل، والخدمات المتطورة، يبدو أن الدوحة ستظل موطنًا دائمًا للكثير من السوريين الذين وجدوا فيها حياة جديدة أكثر استقرارًا ورفاهية.

الرابط المختصر: doha24.net/s/g4

اشترك في قائمتنا البريدية واحصل على آخر المنشورات لحظة ورودها