احتضنت مكتبة قطر الوطنية ندوة علمية دولية حول “الوراقة المغربية وصناعة المخطوط”، جمعت نخبة من الأكاديميين والباحثين من قطر والمغرب ودول أخرى، ضمن فعاليات العام الثقافي المشترك بين قطر والمغرب 2024، وبمناسبة يوم المخطوط العربي الذي يُحتفل به في 4 أبريل من كل عام. وتهدف الندوة التي تستمر يومين إلى استكشاف الإرث العريق لصناعة المخطوطات في المغرب، ومساهمته في تعزيز تداول المعرفة في العالم الإسلامي.
من الوراقة إلى الذكاء الاصطناعي: جسر بين الماضي والمستقبل
افتتحت الندوة بكلمة للدكتور محمود زكي، أخصائي المخطوطات بمكتبة قطر الوطنية، أكد فيها أن هذه الفعالية ليست مجرد احتفاء بالماضي، بل محطة لاستكشاف آفاق جديدة للبحث العلمي باستخدام أدوات العصر، كتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي. وقال: “من حرفة الوراقة التقليدية إلى قدرات الخوارزميات الحديثة، تشكل هذه الندوة جسراً بين الماضي والحاضر لرسم مستقبل واعد لدراسات المخطوطات”.

محاضرات ثرية حول تاريخ النسخ وخزائن الكتب
تضمّن اليوم الأول من الندوة عدة محاضرات علمية، من أبرزها مداخلة الدكتور محمد الطبراني، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض في مراكش، حول النسخ والتوثيق في المغرب والأندلس، حيث تناول نصًا نادرًا من كتاب “الشفا” للقاضي عياض. كما قدّم الباحث رشيد العفاقي ورقة تاريخية تناولت تطور المكتبات في المغرب وأدوارها في حفظ التراث والمخطوطات.
جماليات المخطوط المغربي وتقاليد التحقيق
ناقش المشاركون في جلسات الندوة الجوانب الجمالية للمخطوط المغربي، من الخطوط والزخرفة، إلى المواد المستخدمة في الورق والأحبار. وتم تسليط الضوء على أعلام التحقيق في المغرب مثل محمد المنوني وأحمد شوقي بنبين، ودورهم في حفظ المخطوطات وتحقيقها وفق منهج علمي رصين.
مخطوطات المغرب ونظيرتها في المشرقي
أبرز الباحثون خلال الندوة الخصائص الفريدة للمخطوط المغربي مقارنة بالمخطوطات الإسلامية المشرقية، سواء من حيث شكل الكتابة أو المواد المستعملة أو أنماط التوثيق والتأليف. وتطرقت النقاشات إلى تأثير الوراقين المغاربة في نقل المعرفة نحو المشرق والمغرب، وأهمية المكتبات التقليدية في جمع هذا التراث.
اليوم الثاني: ورش تطبيقية وتقنيات الذكاء الاصطناعي
في اليوم الثاني، ينتقل المشاركون إلى الجانب العملي، عبر حلقات تطبيقية لتحليل مخطوطات نادرة من مقتنيات مكتبة قطر الوطنية. كما سيتم تقديم عروض حول استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل النصوص القديمة، وتوظيف تقنيات الرؤية الحاسوبية في كشف الطبقات الخفية من النصوص وتحليل الحبر وتاريخ النسخ. وقال الدكتور محمود زكي في هذا السياق: “لا نسعى إلى استبدال الدراسة الكلاسيكية، بل إلى تعزيزها بأدوات علمية معاصرة تفتح آفاقاً جديدة لفهم أدق للمخطوطات”.
بين التقاليد والحداثة… المخطوط المغربي حاضر في الدوحة
تعكس هذه الندوة التقاطع الغني بين التقاليد المغربية العريقة في صناعة المخطوط، وبين الطموحات العلمية في قطر لتصبح مركزاً عالمياً لحفظ التراث العربي ودراسته بأدوات العصر. ومن خلال التعاون بين الباحثين والمؤسسات في البلدين، تُفتح اليوم آفاق جديدة أمام دراسة المخطوطات كمصادر حية للمعرفة والتاريخ والحضارة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.