في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط الأكاديمية والحقوقية، ترامب يلغي مئات تأشيرات الطلاب العرب في الجامعات الأميركية عدد مهم من الطلبة الأجانب، الأمر الذي أجبر كثيرين منهم على مغادرة الولايات المتحدة خلال فترة قصيرة، بحسب ما أوردته صحيفة “USA Today“.
ترامب يلغي مئات تأشيرات الطلاب العرب
العديد من الطلاب تلقوا إشعارات مفاجئة تفيد بإلغاء تأشيراتهم، إما من خلال النظام الفيدرالي الخاص بتتبع الطلبة والزائرين الأجانب، أو عبر رسائل نصية وبريد إلكتروني. ووفق ما ذكرته بعض الجامعات، فقد غادر الطلبة المتأثرون بشكل شبه فوري، حيث لم تُمنح لهم فرصة للاستئناف أو حتى توضيح أسباب الإلغاء. ورغم التواصل مع عدد من المؤسسات التعليمية الكبرى، رفضت معظمها تقديم تفاصيل دقيقة حول هذه الحالات، مبررة ذلك بخصوصية المعلومات المتعلقة بالطلبة.

خلفيات بسيطة.. وعقوبات صارمة
بعض التأشيرات أُلغيت لأسباب اعتُبرت “تافهة”، مثل مشاكل مع زملاء السكن أو مخالفات مرورية خارج الحرم الجامعي. غير أن القاسم المشترك في عدد كبير من هذه الحالات كان مشاركة الطلاب في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، وهو ما أثار تساؤلات حول وجود دوافع سياسية خلف هذه الإجراءات. المحامي الأميركي المختص في قضايا الهجرة، لين ساوندرز، عبّر عن دهشته مما حدث، قائلاً: “أمارس هذا العمل منذ ربع قرن، ولم أرَ في حياتي مثل هذا الكم من الإلغاءات المفاجئة. نحن نتحدث عن 300 طالب خسروا تأشيراتهم فجأة، وهذا لا يمكن أن يكون مصادفة”.
تضييق جديد على الهجرة.. والاتهامات تطال الصين
عودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة جاءت مترافقة مع خطاب متشدد تجاه الهجرة، خاصة من دول معينة. وتتردد منذ سنوات اتهامات في أوساط المحافظين بأن بعض الدول، وعلى رأسها الصين، ترسل طلاباً إلى أميركا بهدف التجسس وسرقة الملكية الفكرية. لكن الواقع يُظهر أن أغلب هؤلاء الطلاب يدفعون كامل الرسوم الدراسية، ولا يحصلون على دعم مالي من الحكومة، ما يجعلهم مصدر دخل مهم للجامعات، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة.
غياب الشفافية.. والطلاب في مواجهة المصير المجهول
الولايات الأميركية الأكثر تضررًا من قرارات الإلغاء شملت كاليفورنيا، وميشيغان، وفلوريدا، وكولورادو، وغيرها. غير أن الصحيفة أكدت غياب إحصائية رسمية توضح العدد الحقيقي للطلبة المتضررين أو البلدان التي ينتمون إليها. ورغم أن بعض حالات الإلغاء تعود لسنوات، إلا أن ما يحدث الآن مختلف تمامًا، بحسب مختصين في قضايا التعليم الدولي. ففي السابق، كانت الجامعات تحاول مساعدة الطلاب على تسوية أوضاعهم القانونية أو الاستمرار بالدراسة، بينما في هذه الموجة، طُلب من الطلاب المغادرة خلال أيام، حتى أولئك الذين كانوا على وشك التخرج.
حالة محمود وروميسا.. والتظاهرات تشتعل
ولعل أبرز الأمثلة على هذه الأزمة ما حدث مع محمود خليل، طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، وزميلته روميسا أوزتورك من جامعة توفتس. كلاهما لم يُحتجز، بل طُلب منهما مغادرة البلاد طوعًا خلال أسبوع واحد فقط. وقد أثار ذلك احتجاجات متفرقة داخل عدد من الجامعات الأميركية، مثل جامعة أريزونا، حيث نُظمت تظاهرة للتنديد بالإجراءات.
مسؤولون جامعيون في حيرة.. لا تفسير ولا تبرير
في جامعة كولورادو، فقد ستة طلاب تأشيراتهم، ورافقهم موظفو الجامعة إلى المطار حرصًا على سلامتهم. وفي جامعة ماساتشوستس – أمهيرست، قال رئيس الجامعة خافيير رييس إن خمسة طلاب دوليين خسروا تأشيراتهم، داعيًا باقي الطلبة لفحص وضعهم القانوني بشكل فوري. كاثلين فيرفاكس، نائبة مدير جامعة ولاية كولورادو للشؤون الدولية، أكدت أن الجامعة لم تتلقَ أي تفسير رسمي من السلطات الفيدرالية حول أسباب الإلغاء، لكنها أوضحت أن الإدارة الجامعية تسعى لمساعدة الطلبة على إيجاد دعم قانوني مناسب.
الهجرة والسياسة.. حين تُستغل القوانين لخنق الحريات
الانتقادات لم تتوقف عند حدود الجامعات. الأستاذ في جامعة نيويورك، روبرت كوهين، المتخصص في دراسة الحركات الطلابية، اعتبر أن ما يحدث “محاولة مكشوفة لقمع الأصوات المعارضة”، لا سيما أولئك الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية، وهو ما يشكل – حسب رأيه – تهديداً مباشراً لحرية التعبير المحمية بموجب الدستور الأميركي. أما وزير الخارجية ماركو روبيو، فصرّح خلال مؤتمر صحفي بأنه ألغى تأشيرات طلاب وصفهم بـ”المجانين” بسبب دعمهم لفلسطين. وقال: “قد يكون العدد تجاوز 300 الآن.. نحن نقوم بذلك يوميًا، وفي كل مرة نجد أحد هؤلاء، نلغي تأشيرته”.
الإجراءات الأخيرة لإلغاء مئات التأشيرات الدراسية للطلبة الأجانب في أميركا تكشف عن توجه جديد أكثر صرامة في سياسات الهجرة، لا يخلو من البُعد السياسي، خصوصًا تجاه قضايا الشرق الأوسط. ومع غياب التوضيحات الرسمية، تتزايد المخاوف حول مستقبل الطلاب الدوليين في الجامعات الأميركية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.