جسر  الدوحة – أبوظبي

جسر الدوحة – أبوظبي: مشروع استراتيجي يعيد رسم خريطة الربط الخليجي

في خطوة تعكس تصاعد وتيرة التعاون والتكامل بين دول الخليج العربي، يشهد قطاع النقل الإقليمي مشروعًا ضخمًا ينتظر أن يُحدث نقلة نوعية في البنية التحتية والمواصلات بين قطر والإمارات، يتمثل في جسر الدوحة – أبوظبي، الذي يُرتقب أن يصبح أحد أبرز المحاور الحيوية في المنطقة.

جسر الدوحة – أبوظبي: طريق مباشر يربط العاصمتين

الجسر الجديد الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا سيمتد مباشرة بين العاصمة الإماراتية أبوظبي والعاصمة القطرية الدوحة، مرورًا بجزيرة مكاسب الواقعة في مياه الخليج. ويُشرف على هذا المشروع الطموح شركة “الاتحاد للقطارات” في دولة الإمارات، بالتنسيق مع الجهات المختصة في قطر. ما يجعل هذا المشروع استثنائيًا هو أنه يتجاوز الحدود البرية التقليدية ويفتح مسارًا جديدًا للنقل بين البلدين دون المرور بالأراضي السعودية، وهو ما سيسهم في اختصار المسافات والوقت، ويعزز من انسيابية الحركة التجارية والسياحية.

جسر  الدوحة – أبوظبي
جسر  الدوحة – أبوظبي

شركات عالمية تتنافس على التنفيذ

منذ الإعلان عن المشروع، بدأت كبرى الشركات العالمية في التوجه نحو الخليج لعرض خبراتها الفنية والمشاركة في أعمال التنفيذ. وفي هذا الإطار، أعلنت شركة “بنهوا” الكورية، وهي من كبريات الشركات العالمية في مجال البناء والهندسة، عن نيتها الدخول في المنافسة لتنفيذ الجسر. وقد جاءت هذه الخطوة عقب زيارة رسمية قامت بها بعثة هندسية رفيعة المستوى من الشركة إلى الإمارات وقطر، عبّرت خلالها عن تقديرها لأهمية المشروع من الناحية الجيوستراتيجية والاقتصادية، ووصفت الجسر بأنه “نقطة تحول في البنية التحتية الخليجية”.

إلى جانب “بنهوا”، أبدت شركات أوروبية وآسيوية أخرى رغبتها في تقديم عروض فنية وتقنية، مستفيدة من فتح باب استقبال العروض الذي بدأ رسميًا في أبريل 2025. وتُظهر هذه المنافسة الدولية اهتمامًا متزايدًا بالبنية التحتية الخليجية باعتبارها سوقًا واعدًا ومحورًا لوجستيًا عالميًا.

الجسر ودوره في دعم الاقتصاد الخليجي

تتجاوز أهمية مشروع جسر أبوظبي – الدوحة كونه مجرد رابط جغرافي؛ إذ يُعد عنصرًا حيويًا في دعم الاقتصاد الخليجي، حيث سيؤدي إلى تعزيز تدفق البضائع بين البلدين، ويسهل حركة المسافرين، ويدعم نمو قطاعي السياحة والخدمات اللوجستية. كما سيُسهم في خفض كلفة النقل، وتقليل الاعتماد على الطرق الجوية في بعض الحالات، وهو ما يصب في مصلحة الاستدامة البيئية أيضًا.

يُنظر إلى هذا المشروع على أنه خطوة ملموسة نحو تحقيق رؤية مجلس التعاون الخليجي في التكامل الاقتصادي والنقل المشترك، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بتعزيز الربط بين دول المجلس من خلال مشاريع السكك الحديدية والطرق السريعة.

الأبعاد الاستراتيجية والسياسية للمشروع

لا يقتصر المشروع على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يحمل أيضًا دلالات سياسية واستراتيجية مهمة، إذ يؤشر إلى مرحلة جديدة من الثقة المتبادلة والتعاون العابر للحدود بين قطر والإمارات. ويُتوقع أن يؤدي هذا التقارب اللوجستي إلى تعميق العلاقات الثنائية في مجالات أخرى مثل الأمن الغذائي، الطاقة المتجددة، والاستثمارات المشتركة.

نقلة نوعية في مشهد النقل الإقليمي

مع استكمال الجسر ودخوله الخدمة، من المرجح أن تتغير خريطة النقل في منطقة الخليج بشكل كبير، حيث سيتيح خيارات جديدة للشركات والسكان، ويفتح الباب أمام مشاريع مماثلة مستقبلاً بين دول المجلس. كما أن المشروع سيسهم في تعزيز الجاذبية الاستثمارية للمنطقة، وسيرفع من مستوى تنافسيتها على المستوى العالمي، خصوصًا في ظل التوجه نحو اقتصاد ما بعد النفط.

ردود فعل المجتمع المحلي والإقليمي

لاقى الإعلان عن الجسر ترحيبًا واسعًا من قبل قطاعات الأعمال ورواد التجارة والسياحة، الذين رأوا فيه فرصة لتعزيز النشاط الاقتصادي في كلا البلدين. كما عبّر عدد من المحللين عن تفاؤلهم بالمردود الإيجابي للمشروع، خصوصًا من ناحية خلق فرص عمل جديدة، وتنشيط حركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة على جانبي الجسر.

متى يبدأ التنفيذ؟

رغم أن المشروع لا يزال في مرحلة دراسة العروض الفنية، فإن مصادر مقربة من جهات الإشراف في الإمارات وقطر تشير إلى أن التنفيذ قد يبدأ فعليًا مع نهاية عام 2025، بعد الانتهاء من مرحلة التقييم الفني واختيار التحالف المقاول. ومن المتوقع أن يستغرق التنفيذ نحو ثلاث سنوات، على أن يُفتتح الجسر رسميًا في العام 2029 إذا سارت الخطة الزمنية دون تأخير.

الرابط المختصر: doha24.net/s/py

اشترك في قائمتنا البريدية واحصل على آخر المنشورات لحظة ورودها