في فضاء يفيض بالصور والسرد والهوية، يصدح صوت المخرج المغربي فوزي بن سعيدي في الدوحة. صوت المغرب يعلو في قطر ضمن معرض “أطيافنا، أطيافكم: رؤى واعدة لسينما رائدة”، الذي تستضيفه متاحف قطر في متحف: المتحف العربي للفن الحديث من 19 أبريل حتى 9 أغسطس 2025.
صوت المغرب يعلو في قطر
ليس حضور بن سعيدي عابرًا، بل هو حضور يعكس مكانة السينما المغربية والعربية في المشهد الفني العالمي، حيث يشارك إلى جانب أكثر من أربعين فنانًا ومخرجًا من العالم العربي وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، بأعمال تستنطق قضايا المنفى والهوية والهجرة والانتماء، وتُحوّلها إلى صور نابضة بالحياة.
يُجسّد عمله ضمن المعرض تلك الرؤية السينمائية التي تمزج بين الشعر البصري والهمّ السياسي، بين الواقع المتوتر والخيال المفتوح، في سردية تختزل القلق العربي في زمن التحولات العابرة للحدود.
من البندقية إلى الدوحة: أطيافنا، أطيافكم
انطلق المعرض للمرة الأولى خلال النسخة الستين من بينالي البندقية عام 2024، حيث لاقى إشادة عالمية، ويعود اليوم بنَفَس جديد إلى فضاء المتحف في الدوحة، ليُقدم لجمهوره تجربة متعددة الأبعاد تسرد قصصًا عن المنفى والهجرة والتشظي والهويات المتقاطعة.
يمتد المعرض على عشر محاور رئيسية موزعة على سبع صالات عرض، تشمل موضوعات مثل الصحراء، الحدود، الآثار، والمنفى، وتُمثّل كل قاعة رحلة سينمائية وإنسانية تتقاطع فيها الجغرافيا بالذاكرة.
فوزي بن سعيدي في قطر
من بين عشرات الأسماء اللامعة المشاركة في المعرض، يبرز المخرج المغربي فوزي بن سعيدي كأحد أبرز الأصوات السينمائية العربية. اشتهر بأسلوبه الفني المتفرّد في المزج بين الواقع والخيال، وقدّم في هذا المعرض عملًا يستحضر الهجرة كقلقٍ فلسفي وشخصي، محمّلاً بلغة بصرية شاعرية، تخترق الحواجز الثقافية وتلامس عمق الإنسان العربي في زمن التحولات.
إلى جانب بن سعيدي، يُشارك أيضًا أسماء عربية لامعة أثرت السينما المعاصرة، من بينهم:
-
من فلسطين: إيليا سليمان، وعبد الله الخطيب
-
من مصر: مراد مصطفى، وسامح علاء
-
من سوريا: محمد ملص، وفارس فياض
-
من لبنان: علي شري، وخليل جريج
-
من قطر: أمل المفتاح، والعنود آل ثاني
-
من السودان: سوزانا ميرغني
-
من موريتانيا: عبد الرحمن سيساكو
سرد بصري متنوع يدمج بين الوثائقي والخيالي
يعرض المعرض أكثر من 40 عملًا سينمائيًا وفيديويًا، تتنوع بين الخيال، الوثائقي، الرسوم المتحركة، والسير الذاتية، ويجمع بين السرد الواقعي والمجازي، بين الحداثة والتقاليد، وبين الروحانية والتجربة المعيشية لما بعد الاستعمار.
تضمنت هذه الأعمال أعمالًا ممولة أو مدعومة من مؤسسة الدوحة للأفلام، أو من إنتاج متاحف قطر، أو ضمن مجموعة متحف الفنية، بما يعكس نهجًا تكامليًا بين الإنتاج الفني والتوثيق البصري.
تعاون ثقافي دولي وتجربة قطرية رائدة
أكّدت زينة عريضة، مديرة متحف: المتحف العربي للفن الحديث، أن المعرض يُجسّد التزام المتحف بدعم الفنانين المعاصرين، وأضافت:
“نقزدم هذا المعرض بفخر، جامعًا تجارب غنية من أنحاء مختلفة من العالم العربي، لخلق حوار بصري عالمي”.
من جهتها، قالت فاطمة الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام:
“يُبرز المعرض أصواتًا تُلهم وتُحرك الأسئلة، وتمنح جمهورنا فرصة للتأمل والتفاعل مع قصص من منطقتنا وخارجها”.
أما جاسم الخوري، الرئيس التنفيذي للمدينة الإعلامية قطر، فأكد على أهمية دعم هذا النوع من المعارض التي تُعبّر عن إعلام المستقبل وتُسهم في تنويع الاقتصاد الثقافي ضمن رؤية قطر 2030.
نسخة متجددة في الدوحة
النسخة القطرية من المعرض لا تعيد فقط عرض ما قُدم في البندقية، بل تتجاوز ذلك من خلال إضافة أعمال فنية جديدة، أبرزها عملان للفنانين لمياء جريج وباسم مجدي، تم تعديل سياق عرضهما ليتماشى مع طبيعة صالات العرض في الدوحة، في ما يشبه إعادة تأليف سينمائية ضمن الفضاء المتحفي.
متاحف قطر والسينما
يمثل هذا المعرض امتدادًا لنهج متاحف قطر في دعم السينما والفيديو كوسائط فنية رئيسية، من خلال دمجها في رؤية مستقبلية لتوثيق التاريخ الفني العالمي، والانفتاح على السينما العربية بوصفها مكونًا أصيلًا في هذا السرد.
ويُعد المعرض أيضًا احتفاءً مزدوجًا بمرور 15 عامًا على تأسيس كل من متحف: المتحف العربي للفن الحديث ومؤسسة الدوحة للأفلام، ليكون علامة فارقة في مسيرة التعاون الثقافي والإبداعي في قطر.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.