في مقابلة خاصة مع “دوحة 24″، تحدث الإعلامي السوري المخضرم فيصل القاسم عن رؤيته للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، متناولًا التحديات التي تواجهه في قيادة البلاد، وما إذا كان بإمكانه تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية المعقدة التي ورثها.
وقال القاسم:
“لديه طموحات كبيرة جدًا، حسب ما قال لي شخصيًا، وحسب ما لمست منه مباشرة. ولا شك أنه شخصية مناسبة جدًا، لكن المشكلة تكمن في الظروف التي يواجهها، سواء السياسية أو الاقتصادية أو المعيشية، فهي ظروف صعبة وخطيرة للغاية. فكان الله في عونه.”
رأي فيصل القاسم في الرئيس السوري أحمد الشرع
وأضاف القاسم أن أي رئيس جديد لسوريا سيجد نفسه في مواجهة إرث ثقيل من الأزمات، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، مشيرًا إلى أن التعامل مع هذه التحديات يتطلب شجاعة سياسية وقرارات غير تقليدية.

رسالة تفاؤل من فيصل القاسم للسوريين
يرى القاسم أن ما شهدته سوريا مؤخرًا يُمثل نقطة تحول تاريخية، معتبرًا أن السوريين استعادوا بلدهم، رغم كل التحديات. وفي رسالة وجهها للسوريين في الداخل والخارج، أكد أن هذا التحول هو انتصار كبير، ينبغي النظر إليه بإيجابية.
وقال:
“لا بد أن نُبارك لكل السوريين هذا التحول التاريخي العظيم، هذا النصر الكبير. فليقولوا ما يشاؤون عمّا حدث في سوريا. بالنسبة لنا، نحن استعدنا بلدنا، والسوري الذي استعاد وطنه وأصبح لديه بلد جديد، كأنه فاز بجائزة كبرى، فكيف إذا كان الوطن نفسه؟ نحن الآن ربحنا بلداً اسمه سوريا.”
ثمانية ملايين سوري مطلوبون أمنيًا
وأشار القاسم إلى أن الملايين من السوريين الذين غادروا بلادهم لأسباب أمنية واقتصادية يترقبون التطورات الجديدة بحذر، مضيفًا:
“أنا أعرف مشاعر السوريين في كل أنحاء العالم، خاصة وأن ملايين السوريين خارج سوريا لأسباب أمنية بالدرجة الأولى. آخر الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من ثمانية ملايين سوري مطلوبون أمنيًا. فتخيّل الآن عودة ثمانية ملايين شخص إلى سوريا! أقول لهم: ألف مبروك ومرحبًا بكم.”
مخاطر التدخل الإيراني
عند سؤاله عن مدى قدرة أحمد الشرع على تحقيق استقرار حقيقي في سوريا، أشار القاسم إلى أن هناك جهات دولية وإقليمية لن تتقبل بسهولة هذا التغيير، وستسعى لعرقلته بأي وسيلة ممكنة.
وأوضح قائلًا:
” ليست هناك جهة واحدة فقط، بل هناك جهات كثيرة لا مصلحة لها في استعادة سوريا لعافيتها. على سبيل المثال، إسرائيل ليست من مصلحتها أن تستعيد سوريا قوتها وتعود دولة قوية على جميع الأصعدة. إيران أيضًا خرجت خالية الوفاض من سوريا، رغم أنها كانت تستثمر هناك لعشرات السنين، لكنها خسرت خسارة كبيرة، وهي الآن تحاول العودة إلى الساحة عبر أذرعها.”
فيصل القاسم في دمشق
حظي الإعلامي السوري حين عودته لسوريا، باستقبال استثنائي وحافل من أهالي مدينة السويداء، الذين عبروا عن فرحتهم بعودته بعد غياب طويل فرضته مواقفه المعارضة لنظام الأسد المخلوع.

ونشرت صفحة “السويداء 24” يومها على فيسبوك مقطع فيديو يوثق لحظة وصول القاسم إلى ساحة الكرامة وسط المدينة، حيث احتشد الأهالي لاستقباله بالأغاني والأهازيج الشعبية، رافعين لافتة ضخمة تحمل صورته تعبيرًا عن تقديرهم له.
وظهر القاسم في المشهد محمولًا على الأكتاف، والسعادة واضحة على ملامحه، وسط هتافات حماسية داعمة من الحضور، الذين وصفوه بـ “صوت الحق”، مؤكدين اعتزازهم بدوره الإعلامي ومواقفه الوطنية.
فيصل القاسم يتهم حزب الله
وأضاف أن التدخل الإيراني في سوريا كان دائمًا يهدف إلى فرض هيمنة على القرار السياسي والعسكري، لكن التحولات الأخيرة أضعفت نفوذها بشكل كبير، وهو ما قد يفسر بعض الأحداث الأخيرة في البلاد.
وقال القاسم:
“ما حدث قبل يومين أو ثلاثة في سوريا، لا شك أن لإيران يدًا واضحة فيه. حتى الإيرانيون أنفسهم كانوا دائمًا يتحدثون عن حرب أهلية قادمة، عن تقسيم، وعن فوضى في سوريا. فهم متورطون حتى آذانهم، إذا صح التعبير. وما حدث مؤخرًا في سوريا، لا شك أن لحزب الله يدًا فيه أيضًا. ولا ننسى ما يحدث في شرق سوريا، حيث البؤر الانفصالية تشكل تحديًا آخر. بالمجمل، لدينا في سوريا الكثير من المشاكل.”
أحمد الشرع: لن أتسامح مع مرتكبي الجرائم الجماعية
ومن جانب آخر صرح الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، بأن حوادث القتل الجماعي التي استهدفت أفرادًا من الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد، تمثل تهديدًا لمساعيه في توحيد البلاد التي أنهكتها الحرب. وأكد أنه لن يتهاون في محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، حتى لو كانوا من أقرب الناس إليه.
وفي أول مقابلة له مع وكالة أنباء دولية، بعد أربعة أيام من اندلاع اشتباكات عنيفة بين أفراد من الطائفة العلوية وقوات الأمن الحكومية، اتهم الشرع جماعات موالية للأسد، مدعومة من أطراف خارجية، بالوقوف وراء تأجيج الأحداث الدامية. كما أقر بوقوع أعمال قتل انتقامية كرد فعل على تلك الاشتباكات.
وأجرى الشرع المقابلة مع “رويترز” من القصر الرئاسي في دمشق، الذي كان مقر إقامة الأسد حتى تمت الإطاحة به في الثامن من ديسمبر على يد قوات بقيادة الشرع، ما أجبره على الفرار إلى موسكو.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.