أشعل فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعًا، يوثّق لحظة فقدان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أعصابه داخل مبنى الكونغرس الأمريكي. في المقطع الذي تجاوزت مدته خمس دقائق، تظهر امرأة تصرخ في وجه الوزير، متهمةً إياه بجرائم حرب وقاتل أطفال غزة. المرأة التي أفقدت بن غفير أعصابه لم تكن سوى ميديا بنجامين، الناشطة الأمريكية المعروفة بمواقفها المناهضة للحروب والداعمة لفلسطين، والتي قادت احتجاجًا جريئًا أمام الوزير الإسرائيلي، وسط حضور أمني ورسمي.
ميديا بنجامين… الصوت الذي أربك أقوى المسؤولين
ميديا بنجامين (من مواليد 1952) هي ناشطة سياسية أمريكية يسارية، شاركت في تأسيس منظمة “كود بينك: نساء من أجل السلام“، إلى جانب منظمة “التبادل العالمي” المعنية بحقوق الإنسان والتجارة العادلة. خلال عقود، عُرفت بنجامين بمواقفها الجريئة ضد السياسات الأمريكية الخارجية، خصوصًا دعم واشنطن لإسرائيل. لم تتردد في زيارة غزة، وتنظيم مساعدات إنسانية، والضغط على الكونغرس لوقف الدعم العسكري لتل أبيب. وعلى الرغم من كونها يهودية، إلا أنها تُعد من أبرز المنتقدين للاحتلال الإسرائيلي، ما جعلها على قائمة الممنوعين من دخول إسرائيل منذ عام 2018.
“أنت متطرف وصهيوني ومجرم”.. محتجون يطاردون وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار #بن_غفير أثناء زيارته الكونغرس الأمريكي#الجزيرة_مباشر #أمريكا pic.twitter.com/sjx965K1kI
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) April 29, 2025
صدام داخل الكابيتول: “مكانك في لاهاي!”
وقع الاشتباك اللفظي بينما كان بن غفير يتنقل بين الاجتماعات مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي، حينما تفاجأ بوجود ميديا بنجامين ترافقها مجموعة من النشطاء المؤيدين لفلسطين. وقفوا في طريقه وهم يهتفون: “أنت مجرم حرب!” و”مكانك في لاهاي!” في إشارة إلى المحكمة الجنائية الدولية. حاول الوزير التقدم بينما أحاط به الحراس، لكنه انفجر غضبًا وردّ على المحتجين بصوت مرتفع: “أنتم من يقتلون الأطفال!”، في محاولة لقلب الطاولة على المتظاهرين. الفيديو الذي وثق الحادثة انتشر كالنار في الهشيم، وأحدث صدمة في الرأي العام.
ردود غاضبة من بنجامين ومنظمتها
في تعليقها على الحادثة، اعتبرت ميديا بنجامين أن رد فعل بن غفير “ليس إلا انعكاسًا حقيقيًا للعنف الذي يمارسه يوميًا ضد الفلسطينيين”. أما منظمة “كود بينك” فقالت إن انهيار أعصاب الوزير داخل الكونغرس يكشف طبيعة سياساته القمعية، متسائلة: “إذا لم يحتمل احتجاجًا سلميًا، فكيف يتعامل مع شعبٍ تحت الاحتلال؟”.
احتجاجات أخرى أحرجت بن غفير في أمريكا
الحادثة في الكونغرس لم تكن الوحيدة، فقد لاحقته موجة من الرفض في كل محطة من زيارته. في جامعة “ييل”، تظاهر مئات الطلاب اعتراضًا على دعوته، مما دفع بعض أعضاء الهيئة المنظمة للاستقالة. وفي نيويورك، اقتحم أحد المحتجين لقاءً خاصًا وهتف في وجهه: “اخرج من نيويورك!”، واصفًا إياه بـ”النازي”. كذلك، تظاهر العشرات في حي بروكلين خلال زيارته لإحدى الحركات الدينية اليهودية، واندلعت مناوشات مع أنصاره المتشددين، استدعت تدخل الشرطة ووقوع اعتقالات.
pic.twitter.com/Do5KEejLQ0 ظن مجرم الابادة إيتمار بن غفير ان الناس ستتوافد على سماعه في نيويورك. بالكاد حضر ٢٥ في حين احتشد أكثر من ١٠٠ متظاهر في الخارج.
— Samar D Jarrah (@SamarDJarrah) April 24, 2025
انقسام داخل الجالية اليهودية الأمريكية
زيارة بن غفير كشفت عن شرخ عميق داخل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. فقد عبّر العديد من اليهود الأمريكيين عن غضبهم من استضافته، واعتبر بعضهم أن استقباله بمثابة “خيانة للقيم الإنسانية”. أحد المحتجين شبّه حضوره إلى جامعة “ييل” باستضافة جماعة “كو كلوكس كلان” في حرم جامعي، في دلالة على حجم الغضب الذي أثارته الزيارة حتى بين اليهود.
حين يتحول الاحتجاج السلمي إلى صفعة دبلوماسية
أثبتت ميديا بنجامين، مرة أخرى، أن الصوت الفردي قادر على فضح أكبر المسؤولين وكسر صمت المؤسسات. احتجاجها داخل الكونغرس لم يكن مجرد لحظة إعلامية، بل صفعة رمزية لسياسات لطالما تغاضت عنها الدوائر السياسية في واشنطن. الفيديو الذي وثّق انهيار أعصاب بن غفير قد يتحوّل إلى نقطة فارقة في إدراك الرأي العام الأمريكي لطبيعة ما يحدث في غزة.