على الرغم من أن إسرائيل من بين أقوى الجيوش في العالم، ورغم أنها قوة عسكرية متوفقة في مجال أنظمة الدفاع الجوي، إلا أن الضربات الصاورخية الإيرانية الأخيرة كشفت مدى هشاشة منظومة الدفاع الإسرائيلي على رأسها القبة الحديدية ومقلاع داود وغيرها من وسائل الدفاع الجوي، فقد فشلت جميعها في التصدي لصواريخ إيران ولم تتمكن من الوقوف أمام هجوم صاورخي مُركّب ومنسّق.
هجوم إيران منذ بداية العدوان الإسرائيلي عليها في 13 يونيو 2025 الماضي، يُعتبر الأضخم منذ تأسيس الدولة اليهودية على أرض فلسطين في العام 1948 ميلادية، فهو هجوم بمسيرات وصواريخ باليسيتة عمل على شلّ المنظومة الأمنية في إسرائيل وأحدث إرباكاً كبيراً في أوساط المجتمع الإسرائيلي، فالصواريخ تمكنت من اختراق التحصينات وألحقت أضراراً كبيرة في الأرواح.
كيف اخترقت هجمات إيران دفاعات إسرائيل الخارقة؟
منذ حرب إيران وإسرائيل، شكك الكثير من إمكانية إيران في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والقبة الحديدية التي كان يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي للتصدي لصواريخ طهران، إلا أن التقارير والمعلومات على الأرض تشير أن إيران تمكنت بالفعل من إلحاق أضرار جسيمة في البنية التحتية لدرجة أنها وصلت إلى حيفا وضرب مناطق إنتاج البترول.
الهجوم الإيراني لم يكن عشوائياً أو محدوداً، بل كان مدروساً ومحكماً على ما يبدو من حيث توقيت إطلاق الصواريخ ونوعيتها والوسائط المستخدمة في الرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل الأخيرة، فإيران تمتلك صواريخ قادرة على ضرب إسرائيل، وإليك أبرز التحليلات حول كيفية اختراق هجمات إيران دفاعات إسرائيل الخارقة:
1- هجوم معقّد وتكتيك غير تقليدي
في الحرب الدائرة حالياً، استخدمت طهران عدد من الصواريخ النوعية، فهي لأول مرة تستخدم صواريخ فرط صوتية، وهذا ما صرحت به علانية، إضافة إلى استخدامها لأكثر من 300 طائرة مسيرة انتحارية، في محاولة لتشتيت القبة الحديدية والرادارات، إضافة إلى إطلاق مئات من الصواريخ الباليستية وأكثر من 30 / 40 صاروخ مُجنح.
تهدف إيران من وراء إطلاق كميات الصواريخ النوعية إلى تشتيت قدرة إنظمة الرصد الإسرائيلية، وهذا الأمر سيعمل على شلّ الرادارات ووسائل الدفاع على الأرض، مما يعمل على تعطيل عملها وبالتالي وصول الصواريخ إلى مكان الاستهداف وضربها بقوة، وهذا ما رأيناه بالفعل عبر وسائل الإعلام من تمكن صواريخ الجمهورية الإسلامية من اختراق تحصينات وملاجئ إسرائيل.
نشير أن إيران استخدمت صواريخ نوعية مثل “الحاج قاسم” و”خُيبر شكن” و”ذو الفقار” وغيرها، وهي مصممة بالدرجة الأولى لاختراق الأهدف المحصنة تحت الأرض مع إصابات دقيقة جداً.
2- تزامن مدروس وتشتيت دفاعات إسرائيل
من بين أبرز نقاط القوة التي كانت تتمتع بها إيران، هو أن الهجوم الصاورخي كان يُطلق بشكل مُتزامن بشتى أنواع الأسلحة المُختلفة، ففي البداية تم إطلاق الطائرات المُسيرة الانتحارية وذلك لفتح الطريق، ومن ثم تلتها صواريخ مُجنحة مع ارتفاعات منخفضة لمنع رصدها وتعقبها، ومن ثم أطلقت الصواريخ الباليستية بسرعات عالية ودقة متنهاية مع قوة تفجيرية شديدة جداً، وأضافة إلى ذلك تم إطلاق الصواريخ الفرط صوتية، وهي التي ساعدت في إرباك الدفاعات الإسرائيلية، وذلك بفضل وصولها في وقت سريع جداً.
كل هذه الأنواع من الأسلحة النوعية والفتاكة، تتطلب معالجة دفاعية من وسائل الرصد والتعقب على الأرض، وهو الأمر الذي يفوق قدرة أي منظومة دفاعية مهما بلغت دقتها، هذا الأمر ساعد في وصول الكثير من صواريخ إيران لأهدافها وإلحاق الأضرار بالمباني والأرواح على الأرض، مع اختراقها لتحصينات الملاجئ.
الجدير ذكره أن القبة الحديدية مصممة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وهي غير مؤهلة للتصدق لصواريخ باليستية مداها 1500 كيلو متر، هذا الأمر كشف عن الخلل الكبير في منظومات الدفاع الحديثة مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” و”حيتس” و”ثاد”.
ننوه أن هناك فرق ما بين منظومة “حيتس” و”ثاد”، ويتمثل الاختلاف في آلية تدمير الأهداف، حيث تعتمد “حيتس” على الاصطدام المباشر، في حين أن منظومة “ثاد” تقوم باستخدام الطاقة الحركية، حيث يقوم الصاورخ في “ثاد” بتفجير نفسه بجانب الهدف بدون الحاجة للاصطدام فيه.
قد يهمك أن تقرأ: تهديد خطير للأمن الإقليمي والدولي.. قطر تحذر من استهداف المنشآت النووية الإيرانية
3- التمدّد الأفقي والعمودي للهجوم
هجوم إيران تمّ على عدة جبهات، شمالاً ووسطاً وجنوباً وذلك في محاولة لإرباك الدفاعات الأرضية وصواريخ الاعتراض، هذا الأمر صعّب على الكيان الإسرائيلي في تركيز دفاعه على اتجاه واحد، مما تسبب في تعطيل عمل الكثير من أنظمة الدفاع وعدم قدرتها على التصدي لأمطار الصواريخ الإيرانية المختلفة من حيث القوة والسرعة.
نضيف أن هناك شكوك في أن إيران تمكنت من تنفيذ هجوم سيبراني ساعد في اختراق أنظمة الرصد والتعقب الإسرائيلية واختراق القبة الحديدية، مما تسبب في تعطيل عملها بقدر كبير.
فالهجوم لم يكون عشوائياً بل كان تصعيد كمي ونوعي من حيث نوعية الأسلحة التدميرية وكميتها الكبيرة التي تُطلق بفوراق زمنية متباعدة نوعاً ما ولكنها قريبة، وذلك لتشتيت أي دفاع أرضي أو جوي.
4- تكامل إيراني محدود لكنه فعّال
الجدير ذكره أن إيران لم تستخدم بعد كل ترسانتها العسكرية كاملة، فهي تملك الكثير من القدرات لإلحاق الأضرار بإسرائيل، بل هي اكتفت وحتى اللحظة بطريقة مدروسة ومربكة لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، فهي لم تستخدم مثلاً صوارخ “توم كروز” من الجيل الأحدث، ولم تقوم بإطلاق أسراب واسعة من الطائرات المُسيرة التي تعمل على التمويه والتشتيت، وفي نفي الوقت لم تقوم بفتح جيهات قتال أخرى مثل سوريا، لبنان، بل اكتفت في الوقت الحالي بدعم محدود نوعاً ما من الحلفاء مثل الصين وروسيا.
قد يهمك أن تقرأ: فضيحة ملاجئ إسرائيل في حرب ايران .. 40% من سكان تل أبيب بدون أي حماية
الجدير ذكره أن إسرائيل تستعد في الوقت الحالي لضرب المنشآت النووية الإيرانية بـ “أمّ كل القنابل” الأمريكية، وذلك لتتمكن من إحداث فرق في الحرب، وتتمكن من إبطاء البرنامج النووي الإيراني.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.