سجّل الذهب اليوم أعلى مستوى في تاريخه بعدما تجاوز حاجز 4000 دولار للأوقية (الأونصة)، مدفوعاً بتزايد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة في ظل استمرار الضبابية الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية على الساحة العالمية.
وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1% ليصل إلى 4021.22 دولارًا للأوقية، بينما زادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.5% لتصل إلى 4025 دولارًا للأوقية.
ويعد هذا المستوى الأعلى على الإطلاق في تاريخ المعدن النفيس، الذي يُنظر إليه كرمز للأمان المالي في أوقات الأزمات.

الذهب.. مكاسب سنوية غير مسبوقة منذ عقود
شهد المعدن الأصفر قفزة بنسبة 52% منذ بداية عام 2025، بعد أن ارتفع بنسبة 27% خلال عام 2024، ليواصل أداءه القوي المستمر للعام الثاني على التوالي.
ويرجع هذا الأداء اللافت إلى تزايد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراجع ثقة المستثمرين في الأسواق المالية التقليدية، إلى جانب توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.
ويؤكد محللون ماليون أن استمرار الاتجاه الصعودي للذهب يعكس تحولاً واضحاً في أولويات المستثمرين، الذين يسعون إلى التحوّط ضد التقلبات الاقتصادية والتضخم العالمي.
الفيدرالي الأمريكي في دائرة الضوء
توقعات الأسواق تشير إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) قد يُقدم على مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم عادة ارتفاع أسعار الذهب.
فالذهب يُعتبر أصلًا لا يدرّ فائدة، وبالتالي يصبح أكثر جاذبية عندما تنخفض عوائد السندات وأسعار الفائدة.
كما أن الضغوط التضخمية العالمية والاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ساهمت في تعزيز الطلب على المعدن الثمين كملاذ آمن.

صعود جماعي للمعادن النفيسة
لم يقتصر الارتفاع على المعدن الأصفر فقط، إذ شهدت المعادن النفيسة الأخرى زيادات ملحوظة في الأسعار:
الفضة ارتفعت بنسبة 0.5% لتصل إلى 48.03 دولارًا للأوقية،
البلاتين قفز بنسبة 2.2% إلى 1653.21 دولارًا للأوقية،
البلاديوم صعد بنسبة 1.3% إلى 1355.32 دولارًا للأوقية.
ويؤكد خبراء الأسواق أن هذه الارتفاعات الجماعية تعكس اتجاهاً استثمارياً واضحاً نحو الأصول الثابتة، في مواجهة القلق من اضطراب الأسواق المالية العالمية.
انعكاسات اقتصادية عالمية محتملة
ارتفاع أسعار الذهب إلى هذا المستوى القياسي قد يترك انعكاسات مباشرة على الأسواق العالمية، لا سيما في قطاعي الطاقة والعملة.
فارتفاع الذهب عادةً ما يُترجم إلى انخفاض في قيمة الدولار الأمريكي، ويدفع البنوك المركزية إلى إعادة تقييم سياساتها النقدية.
كما يتوقع بعض الخبراء أن يؤدي استمرار هذا الاتجاه إلى زيادة الطلب من قبل البنوك المركزية والدول النامية لتعزيز احتياطاتها من الذهب كضمان اقتصادي.
الذهب يستعيد بريقه كملاذ آمن
مع استمرار الأزمات العالمية، يبدو أن المعدن الأصفر استعاد مكانته التاريخية كـملاذ استثماري آمن يحتمي به المستثمرون من المخاطر المالية.
ويرى مراقبون أن تجاوز حاجز 4000 دولار قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصعود إذا استمرت الاضطرابات السياسية وتراجع الثقة في النظام المالي العالمي.
ويؤكد خبراء أن هذا الارتفاع ليس مجرد حدث مؤقت، بل يعكس تحولاً طويل الأمد في خريطة الاستثمار العالمية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.