صفحات مزيفة تستهدف شخصيات بارزة في قطر

دوحة 24 تحقق: صفحات مزيفة تستهدف شخصيات بارزة في قطر

في ظل التطور الرقمي المتسارع في قطر، برزت في الآونة الأخيرة موجة خطيرة من صفحات مزيفة تستهدف شخصيات بارزة في قطر ، والتي تنتحل هويات مؤسسات إعلامية مرموقة، وتستهدف شخصيات ومؤسسات بارزة في المجتمع القطري بهدف تنفيذ عمليات تصيد إلكتروني وسرقة بيانات حساسة.

صفحات مزيفة تستهدف شخصيات بارزة في قطر

تُعد حملات تشويه السمعة من أبرز الأساليب المستخدمة في الصفحات المزيفة، حيث لا تقتصر على سرقة البيانات فقط، بل تتعداها إلى استهداف السمعة الشخصية والمهنية للأفراد المؤثرين في المجتمع، خاصة الشخصيات العامة مثل المسؤولين، الإعلاميين، ورجال الأعمال.

صفحة مزيفة
صفحة مزيفة

تعتمد هذه الحملات على فبركة أخبار كاذبة أو تحريف تصريحات حقيقية ووضعها خارج سياقها، واستخدام صور مُعدّلة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي (Deepfake) لتلفيق مواقف أو مشاهد غير حقيقية. كما تُستخدم حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر هذه الأكاذيب بكثافة، مع استخدام الوسوم (الهاشتاغات) لزيادة الانتشار، ما يُسهم في تضليل الجمهور وزعزعة الثقة.

تهدف هذه الحملات إلى إرباك الرأي العام، وخلق تصورات سلبية حول الشخص المستهدف، إما لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، أو ببساطة لتصفية حسابات شخصية أو مهنية. ولهذا، تشدد المؤسسات الإعلامية والأمنية في قطر على ضرورة التحقق من المصدر، وعدم التفاعل مع الأخبار المثيرة للجدل دون التأكد من صحتها.

استغلال شعار صحيفة “الشرق” في حملات تصيد خطيرة

رُصدت خلال الأسابيع الماضية عدة صفحات إلكترونية تنتحل هوية صحيفة “الشرق” القطرية، إحدى أبرز المؤسسات الإعلامية في البلاد. استخدم القائمون على هذه الصفحات تصميمًا مطابقًا لموقع “الشرق”، بما في ذلك الشعار الرسمي، نوع الخط، وأسلوب عرض الأخبار.

أخبار مزيفة
أخبار مزيفة

ولم يقتصر الأمر على الشكل فقط، بل نُشرت عناوين مفبركة مثل: “الشيخ فيصل في مواجهة قضائية مع البنك المركزي”، لإثارة الفضول وجذب النقرات. هذه الصفحات تستدرج المستخدمين للنقر على روابط خارجية تدعي إمكانية الربح السريع من خلال الاستثمار في العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وفي الواقع، فإن هذه الروابط مصممة لسرقة المعلومات البنكية ومحتوى الهواتف.

صحيفة “الشرق” نشرت بيانًا رسميًا حذّرت فيه من هذه الانتهاكات، مؤكدة أنها لا علاقة لها بهذه الأخبار المفبركة، ودعت الجمهور إلى الاعتماد فقط على موقعها الرسمي والمنصات المعتمدة.

امتداد الاحتيال ليشمل صحيفة “The Peninsula”

الاحتيال لم يقتصر على “الشرق” فقط، بل طالت الحملة صحيفة “The Peninsula” الناطقة بالإنجليزية. أبلغت الصحيفة عن عدد من الصفحات المزيفة التي تستخدم تصميمها الرسمي وشعارها، وتروج لعناوين مثل “تصريحات سياسية خطيرة لمسؤول خليجي”، بغرض استغلال ثقة الجمهور في هذه المؤسسة وتحويلهم إلى مواقع ضارة.

أخبار مزيفة
أخبار مزيفة

شخصيات قطرية بارزة تعرضت للاستهداف

رصدت تحقيقات الـ “دوحة 24” في الموضوع، تعرض عدد من الشخصيات البارزة لمحاولات تشويه واحتيال رقمي عبر الصفحات المزيفة، التي تنتحل هوية مواقع إخبارية مرموقة. ومن بين الأسماء التي وردت في الأخبار المفبركة:

  • الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، أحد أبرز رجال الأعمال في قطر، حيث نُسبت إليه أخبار كاذبة تدّعي دخوله في صراعات قضائية مع جهات حكومية.
  • نورة الكعبي، تم الزعم كذبًا أن مصرف قطر المركزي رفع دعوى ضد نورة الكعبي بسبب “تصريحات أدلت بها على الهواء مباشرة”، وهو ادعاء مزيف ظهر ضمن عنوان خادع يستخدم شعار وتصميم صحيفة The Peninsula، ولكنه كان مرتبطًا بصفحة تصيّد احتيالية تهدف إلى خداع الناس للاستثمار في مواقع وهمية.
  • شخصيات مصرفية بارزة، جرى استخدام أسمائهم للإيهام بأنهم يروجون لاستثمارات سريعة الربح في العملات الرقمية، خاصة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تأتي هذه المحاولات ضمن سعي القائمين على الحملات الاحتيالية لاستخدام أسماء ذات تأثير مجتمعي وثقة جماهيرية عالية، بهدف زيادة فرص النقر على الروابط المشبوهة من قبل المستخدمين، وبالتالي توسيع نطاق الضرر.

اللافت أن هذه العمليات تمثل استغلالًا مباشرًا للثقة التي تتمتع بها الشخصيات القطرية البارزة، في محاولة لإضفاء المصداقية الزائفة على المحتوى الاحتيالي، وهو ما يضاعف خطورة هذه الظاهرة ويستدعي رقابة أشد وتوعية متواصلة.

كيف تعمل هذه الصفحات المزيفة؟

تعمل هذه الصفحات وفق استراتيجية معقدة:

  1. استنساخ مواقع شهيرة: تتم محاكاة التصميم والشكل الخارجي بدقة.
  2. نشر محتوى مثير: عناوين جذابة وكاذبة تستهدف شخصيات عامة أو جهات رسمية.
  3. روابط تصيد: يتم توجيه المستخدمين لمواقع تطلب إدخال بيانات مالية أو شخصية.
  4. سرقة معلومات: تُجمع البيانات بهدف تنفيذ عمليات نصب لاحقًا، مثل سرقة البطاقات البنكية أو إنشاء حسابات وهمية.

أثر هذه الظاهرة على المجتمع والثقة في الإعلام

يؤثر هذا النوع من الاحتيال بشكل مباشر على الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام. عندما يُستغل اسم مؤسسة محترمة مثل “الشرق” أو “The Peninsula” لنشر أخبار كاذبة، فإن ذلك يهز مصداقية الإعلام برمّته، حتى لو لم تكن المؤسسة متورطة.

أخبار مزيفة
أخبار مزيفة

وفي ظل اعتماد عدد كبير من المواطنين والمقيمين على الأخبار الرقمية، فإن انتشار مثل هذه الصفحات يشكل تهديدًا للأمن المعلوماتي، ويفتح الباب أمام حملات تضليلية قد تستغلها جهات خارجية لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية.

تحذيرات من الجهات الرسمية وأطر الحماية القانونية

أكدت وزارة الداخلية القطرية في العديد من المرات عبر حساباتها الرسمية، على ضرورة التحقق من الروابط الإلكترونية قبل النقر عليها، ونشرت دليلًا توعويًا بعنوان “احمِ نفسك من التصيد الإلكتروني”، يحتوي على نصائح مهمة منها:

  • لا تدخل معلوماتك البنكية في مواقع غير موثوقة.
  • تحقق من نطاق الموقع الإلكتروني (.qa، أو العنوان الكامل).
  • استخدم برامج الحماية (Anti-Phishing).
  • بلّغ عن أي صفحة مشبوهة على الفور عبر تطبيق مطراش2 أو موقع وزارة الداخلية.

العقوبات القانونية

ينص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في قطر (رقم 14 لسنة 2014)، في مادته الـ11، على:

“يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على 100,000 ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من انتحل شخصية طبيعية أو معنوية باستخدام الوسائط الإلكترونية.”

من يقف وراء هذه الحملات؟ وما الهدف منها؟

تشير تحليلات خبراء الأمن السيبراني إلى أن هذه الصفحات قد تقف وراءها شبكات إجرامية دولية تسعى لتحقيق أرباح سريعة من خلال سرقة البيانات أو بيعها على “الدارك ويب”. كما أن هناك احتمالًا لاستغلال هذه الحملات لأغراض سياسية، مثل تشويه سمعة شخصيات أو إثارة البلبلة داخل المجتمعات.

الهدف الأساسي هو الربح السريع، ولكن في بعض الحالات، يكون هناك بُعد استراتيجي خطير يرتبط بتوجيه الرأي العام أو تشويه صورة إعلام معين.

حملات التوعية مستمرة

في مواجهة هذا الخطر، تعمل الجهات الإعلامية الرسمية على تعزيز الوعي الرقمي لدى المستخدمين، من خلال نشر مواد توعوية، وإطلاق حملات على وسائل التواصل تحت عناوين مثل:

  • “افحص قبل أن تنشر”
  • “لا تنخدع بالشكل”
  • “المعلومة الرسمية مصدرها موقعنا فقط”

وتُعد هذه المبادرات ضرورية لتثقيف المستخدمين وتمكينهم من التمييز بين الحقيقي والمزيف.إن انتشار الصفحات المزيفة في قطر يعكس تطورًا مقلقًا في أساليب الاحتيال الرقمي، ويستدعي تضافر الجهود الإعلامية والأمنية والجماهيرية لمواجهته. فالثقة الرقمية تُبنى بصعوبة، وقد تُهدم بخبر كاذب واحد.

الرابط المختصر: doha24.net/s/o3

اشترك في قائمتنا البريدية واحصل على آخر المنشورات لحظة ورودها