في إنجاز ثقافي ضخم يعكس تطلعات السعودية لتعزيز المشهد الفني والهوية الوطنية، منحت شركة الدرعية عقد إنشاء دار الأوبرا الملكية لتحالف يضم شركتي “السيف” السعودية و”مدماك” القطرية، بتكلفة تبلغ 4 مليارات ريال سعودي، وذلك ضمن المرحلة الثانية من مشروع “بوابة الدرعية” الطموح. ومن المقرر الانتهاء من تنفيذ المشروع بحلول عام 2028، بينما ستتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تشغيله فور افتتاحه.

شراكة قطرية سعودية لإنشاء دار الأوبرا الملكية
تمتد دار الأوبرا الجديدة على مساحة 46 ألف متر مربع، ما يجعلها واحدة من أضخم المشاريع الثقافية في المنطقة. ويضم التصميم المعماري للمبنى أربع قاعات رئيسية للعروض:
- مسرح الأوبرا الرئيسي بسعة 2000 مقعد، مخصص للعروض الكبرى.
- مسرح متعدد الأغراض يتسع لـ 450 مقعدًا، يلبي الفعاليات المتنوعة.
- مسرح قابل للتعديل بسعة مماثلة، يمكن تخصيصه للفعاليات الصغيرة أو التجريبية.
- مدرج في الهواء الطلق على السطح بسعة 450 مقعدًا، يوفر تجربة فنية تحت النجوم.
كما يشمل المشروع مرافق خدمية وتجارية وترفيهية، مما يضيف إلى طابعه الشمولي ويجعله مركزًا متكاملًا للثقافة والفنون.
الدرعية.. من قلب التراث إلى واجهة المستقبل
تُعد مدينة الدرعية التاريخية، الواقعة شمال غرب العاصمة السعودية الرياض، من أبرز المواقع التراثية في المملكة، حيث تمثل مهد الدولة السعودية الأولى وموقع حي الطريف المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو. وتشكل دار الأوبرا جزءًا من “بوابة الدرعية”، المشروع الذي تبلغ مساحته 14 كيلومترًا مربعًا ويهدف إلى تحويل المدينة إلى إحدى أهم الوجهات الثقافية والسياحية في العالم، من خلال مزج الحداثة بالتراث العريق.
تحالفات قطرية في مشاريع استراتيجية بالسعودية
لم تكن هذه المرة الأولى التي تشارك فيها شركة مدماك القطرية في مشاريع كبرى بالمملكة. فقد سبق أن منحت شركة الدرعية عقودًا بقيمة إجمالية تجاوزت 21 مليار ريال سعودي، شملت مشاريع متنوعة في منطقة “وادي صفار”، كان من ضمنها عقد بقيمة 2.1 مليار دولار لتحالف ضم “أورباكون” القطرية و”البواني” السعودية. ويعكس ذلك تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدوحة والرياض في ظل أجواء التقارب والتعاون الخليجي.

رافد رئيسي لرؤية السعودية 2030
تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال “رؤية 2030″، إلى تحويل قطاع الثقافة إلى مصدر رئيسي من مصادر التنمية الاقتصادية، إلى جانب كونه وسيلة لتعزيز الانتماء الوطني والانفتاح على العالم. وفي هذا الإطار، تمثل دار الأوبرا الملكية في الدرعية أحد أركان استراتيجية المملكة لتعزيز البنية التحتية الثقافية، واستقطاب العروض الفنية العالمية، وتوفير منصة للتعبير الإبداعي المحلي.
تشغيل عالمي وإدارة رفيعة المستوى
من المقرر أن تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تشغيل دار الأوبرا عند اكتمالها، حيث ستدار وفق أعلى المعايير العالمية، على غرار أشهر دور الأوبرا في العالم مثل دار الأوبرا في باريس وميلانو وسيدني. وتطمح الرياض إلى أن تصبح وجهة ثقافية أساسية في المنطقة من خلال هذه المنشأة، التي ستستضيف عروض الأوبرا العالمية، والمسرحيات الموسيقية، والفعاليات الفلكلورية، إضافة إلى العروض الشبابية والرقمية.
تنمية ثقافية وسياحية متكاملة
أشارت تقارير مجلة “ميد” المتخصصة في الشؤون الاقتصادية والمشاريع العملاقة في الشرق الأوسط، إلى أن هذا المشروع سيكون قادراً عند اكتماله على استيعاب أكثر من 100 ألف زائر، بفضل ما يتضمنه من مرافق متعددة، ما يعزز جاذبية الدرعية للسياح والمقيمين على حد سواء.
كما يُتوقع أن يوفر المشروع فرص عمل جديدة، ويسهم في رفع مساهمة القطاع الثقافي في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تنظيم مهرجانات موسيقية ومؤتمرات فنية وورشات تدريبية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.