الأرقام العربية لها تاريخ عريق مرتبط بالعلوم الإسلامية والحضارة العربية. قد يختلط الأمر على الكثيرين بين ما يُعرف بالأرقام “الهندية” التي تُستخدم في بعض البلدان العربية مثل السعودية والكويت وغيرهما، والأرقام العربية الحقيقية التي يستخدمها معظم العالم اليوم. في هذا المقال، سنلقي نظرة مفصلة على الأرقام العربية الحقيقية، الفرق بينها وبين الأرقام الأخرى، وأصلها التاريخي، وكيف اتخذت قطر خطوة كبيرة السنة الماضية باعتماد الأرقام العربية في جميع المعاملات الرسمية.
ما هي الأرقام العربية الحقيقية؟
الأرقام العربية الحقيقية هي تلك الأرقام التي تُستخدم اليوم في معظم أنحاء العالم، وهي: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 0. يعود تصميم هذه الأرقام إلى عالم الرياضيات المسلم محمد بن موسى الخوارزمي، وهي تختلف عن الأرقام المستخدمة في بعض الدول العربية مثل مصر والشام، والمعروفة بالأرقام “الهندية” والتي تأخذ شكلًا مختلفًا: ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩.
هل 1234 أرقام عربية؟
نعم، الأرقام المستخدمة في الكتابة الحديثة مثل 1234 هي ما يُعرف عالميًا بالأرقام العربية، وقد تم تطويرها في العالم الإسلامي وانتشرت إلى أوروبا عبر الأندلس. هذه الأرقام هي الأرقام التي نراها في معظم أجهزة الحاسوب والهواتف والأنظمة العالمية.
على الجانب الآخر، الأرقام التي تظهر بهذا الشكل: ١٢٣٤، تُعرف بالأرقام الهندية، وهي مستخدمة بشكل في بعض البلدان العربية مثل مصر وقطر قبل التغيير الأخير في 2023.
ما أصل الأرقام العربية؟
يرجع أصل الأرقام العربية إلى عالم الرياضيات المسلم محمد بن موسى الخوارزمي في القرن التاسع الميلادي. تم تطوير هذه الأرقام بناءً على نظام رياضي متقدم استند إلى عدد الزوايا في كل رقم، حيث يمتلك الرقم الواحد زاوية واحدة، والرقم اثنين زاويتين، والرقم ثلاثة ثلاث زوايا، وهكذا. أما الرقم صفر، الذي كان أعظم إسهام للخوارزمي، فهو دائري ولا يحتوي على أي زوايا، مما يجعله رمزًا لعدم وجود زوايا.

انتقال الأرقام العربية إلى أوروبا
تم استخدام هذه الأرقام لأول مرة في بلاد المغرب العربي ومنها انتقلت إلى أوروبا عبر الأندلس، حيث تم تبنيها في الأنظمة الأوروبية وتطورت مع الزمن لتصبح الأرقام الأساسية المستخدمة في جميع أنحاء العالم اليوم. تعرف الأرقام العربية في الغرب بـ Arabic numerals، وتمثل الأساس الذي بُنيت عليه الأنظمة الحسابية والرقمية الحديثة.
اعتماد قطر الأرقام العربية بدل الهندية
في خطوة بارزة تهدف إلى تعزيز الهوية العربية والإسلامية، أعلنت دولة قطر في يونيو/جوان 2023 اعتماد الأرقام العربية الحقيقية في جميع المعاملات الرسمية والمراسلات الحكومية بدءًا من سبتمبر 2023. جاء هذا القرار بعد تعميم من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، محمد السليطي، الذي دعا فيه إلى استخدام الأرقام العربية بدلاً من الهندية في كافة المؤسسات الحكومية.
وأعرب حمد الكواري، وزير الدولة القطري ورئيس مكتبة قطر الوطنية، عن شكره لمجلس الوزراء على اتخاذ هذا القرار التاريخي، مشيرًا إلى أن استخدام الأرقام العربية هو تصحيح لمسار الحضارة العربية وتقدير لعلماء المسلمين الذين أسهموا في تطوير هذه الأرقام.
تاريخ الأرقام: من الهند إلى العالم الإسلامي
قبل انتشار الأرقام العربية، كان العرب يكتبون الأرقام بالحروف. في عام 771 ميلادي، وصل عالم فلك هندي إلى بغداد، عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، حاملًا معه كتابًا في الفلك والرياضيات استخدم فيه أرقامًا من 1 إلى 9 على شكل نقاط وأرقام هندية.
أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بترجمة هذا الكتاب إلى العربية، وهو ما قام به العالم محمد بن إبراهيم الفزاري تحت عنوان “السند هند الكبير”. لاحقًا، قام محمد بن موسى الخوارزمي بتطوير هذه الأرقام وتبسيطها لتناسب الأنظمة الحسابية المتقدمة التي كانت مستخدمة في الحضارة الإسلامية آنذاك.
أرقام الخوارزمي: بداية العصر الرقمي
الأرقام التي طوّرها الخوارزمي اعتمدت على مبدأ عدد الزوايا في كل رقم، وهو ما جعلها أكثر وضوحًا وسهولة في الاستخدام. الأرقام التي ابتكرها الخوارزمي كانت ذات تأثير كبير، حيث اعتمدها العرب في الأندلس، ومن ثم انتشرت في جميع أنحاء أوروبا.
دور الأرقام العربية في العلوم الحديثة
ساهمت الأرقام العربية في تأسيس قواعد الرياضيات الحديثة، حيث تم استخدامها في العديد من العلوم الأخرى مثل الفلك والهندسة والفيزياء. إلى جانب الصفر، الذي كان ابتكارًا ثوريًا آنذاك، لعبت الأرقام العربية دورًا محوريًا في تطوير الأنظمة الحسابية المعقدة.
تأثير اعتماد الأرقام العربية في قطر
اعتماد الأرقام العربية في قطر يعد خطوة تاريخية تعزز من الهوية الثقافية والتاريخية للبلاد. هذا القرار يجعل قطر من أولى الدول العربية والخليجية التي تتبنى الأرقام العربية في جميع معاملاتها -بشكل رسمي- بالإضافة إلى دول شمال إفريقيا التي لا تستخدم إلا الأرقام العربية. كما أنه يدعم قانون حماية اللغة العربية الذي أقره الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عام 2019، والذي ينص على إلزامية استخدام اللغة العربية في جميع المراسلات الرسمية والتعليم في المدارس.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.