انطلقت يوم السبت 19 أبريل الجاري النسخة الحادية عشرة منمهرجان سنيار 2025ر، الذي تنظمه المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا”، وسط أجواء حماسية شارك فيها 54 فريقًا من قطر ودول الخليج العربي، في واحدة من أعرق بطولات الصيد البحري التقليدي في المنطقة. يشكل المهرجان مناسبة سنوية تحتفي بتراث الأجداد وتعيد رسم مشاهد الحياة البحرية القديمة على سواحل قطر، في إطار يجمع بين التحدي الرياضي والرسالة الثقافية.
مهرجان سنيار 2025: تعزيز الهوية القطرية من خلال البحر
يُعد مهرجان سنيار إحدى أبرز مبادرات “كتارا” في مجال صون التراث الثقافي غير المادي، حيث يسعى إلى ترسيخ تقاليد الصيد والغوص كما كانت تُمارس في الماضي، خاصة في زمن ما قبل اكتشاف النفط. تتجسد هذه الرؤية من خلال مشاركة المحامل التقليدية والمعدات التراثية المستخدمة، ما يمنح المشاركين من الشباب فرصة للانغماس في تجربة حقيقية تحاكي رحلات الأجداد في عرض البحر. كما يُسهم المهرجان في تعزيز شعور الانتماء الوطني، إذ يشكل البحر جزءًا أصيلًا من الهوية القطرية.

انطلاق المحامل من الدوحة إلى سيلين
غادرت المحامل الخشبية الموانئ التقليدية في الدوحة والوكرة والخور متوجهة إلى بندر سيلين، حيث رست في نقطة الانطلاق الرئيسية للمنافسات. وقد خُصص اليوم الأول لوصول المجموعة الأولى التي تضم 27 فريقًا، بينما تواصل بقية الفرق الانضمام تدريجيًا تمهيدًا لانطلاق منافسات بطولتي “الحداق” و”اللفاح” يومي الأحد والاثنين. تستمر المسابقات من الفجر وحتى غروب الشمس، في أجواء تعيد إحياء روح المغامرة البحرية التي ميّزت حياة الأجداد.
آلية دقيقة لضمان النزاهة في التنافس
تخضع المنافسات لقواعد صارمة تضمن العدالة بين الفرق المشاركة، حيث يتوجب على الصيادين اصطياد 17 نوعًا محددًا من الأسماك باستخدام الأدوات التقليدية فقط. تُحتسب النقاط وفقًا لوزن وطول ونوع السمك المصطاد، ما يعكس مهارة الفريق لا مجرد الحظ. ولضمان النزاهة، يعتمد المهرجان على نظام إلكتروني حديث لتوثيق عمليات الصيد، ويتضمن ذلك التصوير الفوري وتسجيل البيانات في قاعدة مخصصة. كما طُبّقت لائحة جزاءات تتضمن 20 بندًا لمعاقبة أي تجاوز، من خصم النقاط وحتى الاستبعاد النهائي في حالات المخالفات الجسيمة.
مرحلة القفال والتتويج في كتارا
بعد انتهاء الجولات التمهيدية، سيتأهل 16 فريقًا إلى المرحلة النهائية، من بينهم الفائزون من كل مجموعة، إضافة إلى الفريق الذي يصطاد أكبر سمكة. وستُختتم المنافسات خلال فعالية “القفال”، التي ستقام على شاطئ كتارا وسط حضور جماهيري وفعاليات تراثية مصاحبة، من ضمنها عروض فنية وورش للأطفال. وتشكل هذه الاحتفالية لحظة تتويج لتجربة استمرت أيامًا من العمل الجماعي والتحمل في البحر.
دعم وطني للمبادرات التراثية
يحظى مهرجان سنيار بدعم كبير من صندوق “دعم” للأنشطة الاجتماعية والرياضية، في إطار شراكة استراتيجية مع كتارا تهدف إلى تمويل المشاريع التي تصون التراث الثقافي القطري. ويعكس هذا الدعم التزام الجهات الوطنية بتعزيز الهوية الثقافية ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، التي تضع الثقافة في صميم التنمية المستدامة. ومن خلال هذه المبادرات، تؤكد قطر مكانتها كدولة تسعى للحفاظ على إرثها التاريخي في ظل العصر الحديث.
مشاركة خليجية تعكس وحدة التراث البحري
تميزت نسخة هذا العام بمشاركة لافتة من فرق خليجية، ما أضفى طابعًا من التنافس الودي وأعاد تسليط الضوء على القواسم المشتركة بين شعوب المنطقة، لاسيما ما يتعلق بموروث الغوص والبحث عن اللؤلؤ وصيد السمك. وتبادل المشاركون الخبرات في أدوات وتقنيات الصيد التقليدية، كما شارك بعضهم في عروض تراثية مصاحبة، مما أضفى بعدًا ثقافيًا أوسع على الحدث.
الجانب التعليمي والتوعوي للمهرجان
لم يغفل منظمو المهرجان البعد التربوي، إذ نُظمت زيارات مدرسية وورش تعريفية للأطفال حول تاريخ الصيد البحري التقليدي، وأنواع الأسماك المحلية، وأهمية المحافظة على البيئة البحرية. كما وُزعت كتيبات تثقيفية بلغات متعددة لتعزيز فهم الزوار من المقيمين والسياح لأهمية هذا التراث القطري.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.